ما هو الدستور؟
"الدستور في أي بلد هو عبارة عن اتفاق بين سكانها على مجموعة قواعد أساسية تحدد شكل دولتهم ونظامها وحقوقهم وواجباتهم، وبناء عليه يتم صدور القوانين الخاصة بأي شئ داخل الدولة"
معنى كلمة "دستور"
• كلمة "دستور" ليست كلمة عربية وإنما هي من أصل فارسي على الأرجح، دخلت اللغة العربية عن طريق اللغة التركية ومعناها "الأساس" أو "القاعدة"، و قبل استخدام هذا المصطلح كانت مصر تستعمل لفظ "القانون الأساسي" أو "القانون النظامي" (القانون النظامي المصري الصادر سنة 1883، والقانون النظامي المصري الصادر عام 1913). وظهر هذا المصطلح في مصر مع صدور دستور 1923.
• وتعنى هذه الكلمة في اللغة العربية كما ورد بالمعجم الوسيط: “قاعدة يُعمل بمقتضاها“، وفى الاصطلاح المعاصر: “مجموعة القواعد الأساسية التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها ومدى سلطتها إزاء الأفراد“. و تعني كلمة "الدستور" فى اللغتين الفرنسية والإنجليزية “Constitution” أي قانون أساسي. ويرجح أن أول ظهور لكلمة "دستور" تضمنته المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 بعد الثورة الفرنسية حيث ورد بتلك المادة أن: “كل مجتمع لا يكفل ضمان الحقوق وتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات لا دستور له”.
أُسس الدستور
• مفهوم الدستور عند أهل القانون هو مجموعة من القواعد التي ترسي مبادىء حماية الحقوق والحريات العامة، وتحدد شكل الدولة وقواعد الحكم وشكل الحكومة. أي أن الدستور يوضح ما يأتي:
o شكل الدولة هل هي دولة بسيطة الشكل أم أنها دولة مركبة أي ناتجة من اتحاد فيدرالي ( مكونة من ولايات متحدة مع بعضها ) أو اتحاد كونفدرالى( تحتفظ فيه الدولة الداخلة في الاتحاد بشخصيتها الدولية مع بعضها البعض بحيث يتم تحقيق بعض الأهداف المشتركة مثل جامعة الدول العربية)
o يبين نظام الحكم ملكي أم جمهوري وما هي الشروط الواجب توافرها في شخص ما حتى يصبح ملكا أم رئيسا وكيفية توليه لهذا المنصب
o يبين كيف يحكم الملك أو الرئيس عن طريق نظام حكم رئاسي أم برلماني وما هي اختصاصات كلا منهما أو مسئولياته وحدودها
o ينظم السلطات العامة للدولة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) من حيث اختصاصاتها وحدودها وعلاقاتها ببعضها البعض من ناحية، ومن ناحية أخرى بعلاقاتها بالفرد فيما يتعلق بالحقوق والواجبات والحريات العامة
o يبين واجبات المواطنين وكيفية أدائهم للواجبات وحقوقهم وحرياتهم وضمانات حصولهم عليها ممارستهم لها تجاه السلطة
• و يجب أن يتصف الدستور بصفتين أساسيتين:
o الأولى هي الثبات : وتعني أن الدستور لا يتغير بسهولة إلا عن طريق استفتاء الشعب مثل الاستفتاء الذي أجرته مصر في مارس 2011 على دستورها القديم، بينما القوانين العادية يمكن تغييرها عن طريق مجلس الشعب وتصويت الأعضاء فيه دون اللجوء إلى رأي كل الناس كما يحدث في الاستفتاء على الدستور. والسبب في هذا الثبات أن عادة ما يكون هناك اتفاق بين شعب أي دولة على القواعد المنظمة لدولتهم ويصعب تغيير هذه القواعد الثابتة إلا بقيام ثورة كما حدث في مصر عام 2011 أو بعد حدث ضخم يجبر الجميع على إعادة الاتفاق على القواعد التي تحكمهم.
o أما الصفة الثانية فهي علو المكانة: وتعني أن الدستور أعلى من أي قانون يتفق عليه أعضاء مجلس الشعب أو أي قرار لرئيس الجمهورية ويقول القانونيون إن “الدستور هو أبو القوانين” ويقصدون بذلك أن أي قانون سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي ...إلخ , يجب أن يتفق مع أحكام الدستور وقواعده، وأسهل طريقة لإلغاء أي قانون هو الطعن بعدم دستوريته بمعنى عدم اتفاقه مع القواعد العامة التي قرر الشعب منذ إنشاء الدولة على السير عليها وبالتالي يفقد القانون المخالف للدستور قيمته. ولا ينطبق مبدأ علو الدستور على القوانين فقط بل على اللوائح المفسرة لأي قانون وعلى قرارات رئيس الجمهورية والوزراء وأي مسئول.
• وقد عرّفت المحاكم العليا المصرية (الدستورية العليا والإدارية العليا والنقض) الدستور بأنه "القانون الأساسي الأعلى، وهو الذي يُرسى القواعد، والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة، ويرسم لها وظائفها، ويضع الحدود والقواعد الضابطة لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة وضمانات حمايتها، وهو الإطار العام بما يحويه من مبادئ يتعين التزامها من السلطات العامة ومن المواطنين، ويجب أن تأتى جميع القوانين متوافقة مع مبادىء الدستور، وفى حالة مخالفتها يمكن الطعن بعدم دستورية هذه القوانين وإلغائها".
أنواع الدساتير
تُقسم الدساتير إالى أنواع كما هو مبين:
أولا / تدوين الدساتير
• إن التمييز بين الدساتير المكتوبة والدساتير غير المكتوبة يقوم على أساس العنصر الغالب أو الأعم ، حيث يرى بعض فقهاء القانون الدستوري إن الدستور يعتبر مكتوباً إذا كان في أغلبه صادر في شكل وثيقة أو عدة وثائق رسمية من المشرع الدستوري ، ويعتبر غير مكتوب إذا كان في أغلبه مستمدا من العرف والقضاء أي من غير طريق التشريع. و الدول التي تأخذ بالدستور المكتوب لا تنكر إن للقواعد العرفية دوراً إلى جانب الوثائق الدستورية المكتوبة.
• و هناك عناصر مكوّنة للعرف فالمادة من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية هو الممارسة المقبولة بمثابة قانون و يشترط لتكوينه توافر عنصرين "مادي" و "معنوي". العنصر المادي هو تكرار وقائع معيّنة بصورة دائمة و واضحة و ثابتة. أما العنصر المعنوي ينتج عن الإعتقاد السائد لدى أشخاص القانون المختصين بتنفيذ العرف بأنهم يخضعون لقاعدة قانونية ملزمة.
الدساتير المدونة
يعتبر الدستور مدوناً إذا كانت غالبية قواعده مكتوبة في وثيقة أو عدة وثائق رسمية صدرت من المُشرع الدستوري (يعنى من اسمها مدونة = "مكتوبة"). و قد ظهرت أول الدساتير المكتوبة في القرن الثامن عشر ، حيث أخذت بها الولايات الأمريكية التي بدأت تضع دساتيرها بعد استقلالها عن إنجلترا ، وبازدياد الروابط بين الولايات تحولت إلى نظام الدولة الاتحادية، وظهر أول دستور مدون و هو الدستور الاتحادي بين الولايات سنة 1787 دخل حيز النفاذ بعد سنتين وهو الساري الآن في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن اُدخل عليه الكثير من التعديلات. و تبنت بعد ذلك الدول الأخرى فكرة الدساتير المكتوبة، فتلت فرنسا الولايات المتحدة في وضع دستور مكتوب وهو دستور سنة 1791 بعد الثورة الفرنسية. و انتشرت فكرة الدساتير المكتوبة إلى كل بلاد العالم، بحيث أصبحت الدساتير المكتوبة هي القاعدة العامة و الدساتير غير المكتوبة ( العرفية )
الدساتير غير المدونة
وهي عبارة عن قواعد عرفية استمر العمل بها لسنوات طويلة حتى أصبحت بمثابة القانون الملزم وتسمى أحيانا "الدساتير العرفية"، نظرا لأن العرف يعتبر المصدر الرئيسي لقواعدها. و تكون الدساتير عرفية عندما تستند إلى العرف ولا تضمها وثيقة خاصة ، والعرف هو تصرف مادي وسلوك معين تقوم به مؤسسات الدولة أو بعض هذه المؤسسات ولا يحصل اعتراض على هذا السلوك بوصفها تتميز بوصف قانوني . و يعتبر الدستور الإنجليزي المثال الأبرز على الدساتير غير المدونة لأنه يأخذ غالبية أحكامه من العرف وبعضها من القضاء، وإن وجدت بعض الأحكام الدستورية المكتوبة كالعهد الأعظم (Magna Carta ) الصادر سنة 1215 ووثيقة ملتمس الحقوق (Petition of Rights ) الصادرة سنة 1629 ، ووثيقة إعلان الحقوق (Bill of Rights) الصادرة سنة 1688 ، و وثيقة الانضمام بين إنجلترا و ايرلندا سنة 1800 ، و وثيقة البرلمان (Parliament Act) سنة 1911 و وثيقة تنظيم الوصاية على العرش (The Regency Bill) سنة 1937 و القانون الصادر عام 1949 الخاص بتقييد اختصاصات مجلس اللوردات و قانون سنة 1958 الذي سمح للنساء بأن يكن عضوات في مجلس اللوردات. ويكاد يكون الدستور الانجليزي المثال الوحيد للدستور غير المدون في العصر الحديث.
ثانيا تعديل الدساتير
الدساتير المرنة:
هي التي يمكن تعديلها بنفس الإجراءات التي يتم بها تعديل القوانين العادية أي بواسطة السلطة التشريعية وأبرز مثال لها هو الدستور الإنجليزي (إذ تعتبر الدساتير العرفية دساتير مرنة). فسلطة التعديل ممنوحة للبرلمان حيث يستطيع أن يعدل الدستور بالطريقة التي يعدل بها أي قانون عادي آخر ، كما يمكن أن تتسم الدساتير المكتوبة بالمرونة إذا لم تشترط إجراءات معقدة لتعديلها ، مثل دستور إيطاليا لسنة 1848 و دستور الاتحاد السوفيتي السابق لسنة 1918. ويترتب على ذلك أن الدستور المرن لا يتمتع بأي سمو شكلي على القانون العادي، فلو أصدر المشرع العادي قانوناً خالف به نصاً دستوريا، فهذه المخالفة تعد تعديلاً للنص الدستوري. و ينبني على ذلك عدم وجود فرق بين الدستور المرن والقانون العادي من الناحية الشكلية، ويبقى الفرق موجوداً من الناحية الموضوعية فقط، لأن الموضوع الذي تعالجه النصوص الدستورية يختلف بطبيعة الحال عن المواضيع التي تنظمها وتعالجها القواعد القانونية العادية.
الدساتير الجامدة :
إن معظم الدساتير النافذة في الوقت الحاضر هي دساتير جامدة بالنظر لاختلاف إجراءات تعديلها عن إجراءات تعديل القوانين العادية، حيث يستلزم تعديلها إجراءات أشد و أصعب من تلك التي تم بها تعديل القوانين العادية. و يتميز الدستور الجامد بالثبات و الاستقرار ، وتحقيق الاحترام للدستور سواء لدى أفراد الشعب أو الهيئات الحاكمة. و من أمثلة الدساتير الجامدة: دستور أمريكا و الدستور الفرنسي و دستور أستراليا الفيدرالي.
و يتراوح جمود الدستور بين حظر تعديل الدستور، و بين جواز التعديل بشروط خاصة. و تختلف الدساتير اختلافا كبيراً فيما تورده من أحكام بشأن كيفية تعديلها و تكون إجراءات التعديل مكتوبة عادة في صلب الدستور و يعتبر هذا جمود نسبي. أما الجمود المطلق فيعني تحريم تعديل الدستور جزئياً أو كلياً بشكل مطلق. و إن واضعي الدساتير المحظور تعديلها عادةً لا يوردون فيها نصاً بالحظر المطلق من كل قيد، بل يلجأون إلى نوعين من الحظر. الحظر الزمني حيث يتم تحديد فترة زمنية كافية لتثبيت أحكام الدستور قبل السماح باقتراح تعديلها، أو الحظر الموضوعي وذلك لحماية أحكام معينة في الدستور بطريقة تحول دون تعديلها أصلا، حيث يتقرر هذا الحظر بالنسبة لأحكام معينة في الدستور تعتبر جوهرية كنظام الحكم المقرر، و من أمثلة الدساتير التي أخذت بالحظر الموضوعي هو دستور البرتغال لسنة 1991 الذي يحظر تعديل شكل الحكومة الجمهورية
أما تحريم المساس بجميع نصوص الدستور بشكل مطلق ودون تحيد لفترة زمنية معينة يسمى بالحظر أو الجمود المطلق الكلي الدائم كالدستور اليوناني الصادر عام 1864. و هناك اختلاف بين الفقهاء حول مشروعية الحظر المطلق ولكن وفق الرأي أن المسألة تعتمد على مضمون الحظر وهدفه البعيد. فكل حظر هدفه الحفاظ على مبدأ الدستورية مطلوب وهذا ما يقرره الشعب صاحب السلطة الحقيقي. وقد جسدت الثورة الفرنسية هذه الحقيقة فنصت المادة الأولى من الفصل السابع من الدستور الفرنسي لعام 1791 على أن "الجمعية الوطنية التأسيسية تعلن بأن حق الأمة بتغيير دستورها غير قابل للسقوط أو التقادم".
مبدأ سمو الدستور
المقصود بسمو الدستور إنه القانون الأعلى في الدولة لا يعلوه قانون آخر, و قد نصت عليه أغلب دساتير دول العالم مثل دستور إيطاليا و دستور الصومال.
و سمو الدستور يكون على جانبين اساسيين هما:
السمو الموضوعي: و نقصد به إن القانون الدستوري يتناول موضوعات تختلف عن موضوعات القوانين العادية. وهذا السمو يستند على موضوع القواعد الدستورية و مضمونها والتي لا تنحصر في دساتير معينة بل موجودة في جميع الدساتير المكتوبة و العرفية جامدة أم مرنة. و يترتب على السمو الموضوعي ان الدستور هو القانون الاساسي في الدولة و هو الذي يبين أهداف الدولة و يضع الإطار السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي ، و ان الدستور هو الجهة الوحيدة التي تنشئ السلطات الحاكمة و تحدد اختصاصاتها ، و على هذه السلطات احترام الدستور لانه هو السند الشرعي لوجودها. و يؤدي إلى تأكيد مبدأ المشروعية و مبدأ تدرج القواعد القانونية و خضوع القاعدة الادنى درجة للقاعدة الأعلى درجة. كما ان الاختصاصات التي تمارسها السلطات التشريعية و التنفيذي و القضائية مفوضة لهم بواسطة الدستور, فلا يحق لها تفويض اختصاصاتها لجهة أخرى إلا بنص صريح من الدستور.
السمو الشكلي: و نقصد به ان القانون الدستوري هو القانون الذي نتبع في وضعه و تعديله اجراءات معينة اشد من الاجراءات اللازمة لوضع و تعديل القوانين العادية. و هذا السمو موجود في الدساتير المكتوبة الجامدة فقط. و يترتب على السمو الشكلي وجود سلطتين:
1- سلطة مؤسِسة, و هي التي تؤسس و تضع الدستور. 2- سلطة مؤسَسة, و هي التي تم انشاءها.
كما إن السمو الشكلي يضمن احترام الدستور و قواعده و ينظم الرقابة على دستورية القوانين.
"الدستور في أي بلد هو عبارة عن اتفاق بين سكانها على مجموعة قواعد أساسية تحدد شكل دولتهم ونظامها وحقوقهم وواجباتهم، وبناء عليه يتم صدور القوانين الخاصة بأي شئ داخل الدولة"
معنى كلمة "دستور"
• كلمة "دستور" ليست كلمة عربية وإنما هي من أصل فارسي على الأرجح، دخلت اللغة العربية عن طريق اللغة التركية ومعناها "الأساس" أو "القاعدة"، و قبل استخدام هذا المصطلح كانت مصر تستعمل لفظ "القانون الأساسي" أو "القانون النظامي" (القانون النظامي المصري الصادر سنة 1883، والقانون النظامي المصري الصادر عام 1913). وظهر هذا المصطلح في مصر مع صدور دستور 1923.
• وتعنى هذه الكلمة في اللغة العربية كما ورد بالمعجم الوسيط: “قاعدة يُعمل بمقتضاها“، وفى الاصطلاح المعاصر: “مجموعة القواعد الأساسية التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها ومدى سلطتها إزاء الأفراد“. و تعني كلمة "الدستور" فى اللغتين الفرنسية والإنجليزية “Constitution” أي قانون أساسي. ويرجح أن أول ظهور لكلمة "دستور" تضمنته المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 بعد الثورة الفرنسية حيث ورد بتلك المادة أن: “كل مجتمع لا يكفل ضمان الحقوق وتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات لا دستور له”.
أُسس الدستور
• مفهوم الدستور عند أهل القانون هو مجموعة من القواعد التي ترسي مبادىء حماية الحقوق والحريات العامة، وتحدد شكل الدولة وقواعد الحكم وشكل الحكومة. أي أن الدستور يوضح ما يأتي:
o شكل الدولة هل هي دولة بسيطة الشكل أم أنها دولة مركبة أي ناتجة من اتحاد فيدرالي ( مكونة من ولايات متحدة مع بعضها ) أو اتحاد كونفدرالى( تحتفظ فيه الدولة الداخلة في الاتحاد بشخصيتها الدولية مع بعضها البعض بحيث يتم تحقيق بعض الأهداف المشتركة مثل جامعة الدول العربية)
o يبين نظام الحكم ملكي أم جمهوري وما هي الشروط الواجب توافرها في شخص ما حتى يصبح ملكا أم رئيسا وكيفية توليه لهذا المنصب
o يبين كيف يحكم الملك أو الرئيس عن طريق نظام حكم رئاسي أم برلماني وما هي اختصاصات كلا منهما أو مسئولياته وحدودها
o ينظم السلطات العامة للدولة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) من حيث اختصاصاتها وحدودها وعلاقاتها ببعضها البعض من ناحية، ومن ناحية أخرى بعلاقاتها بالفرد فيما يتعلق بالحقوق والواجبات والحريات العامة
o يبين واجبات المواطنين وكيفية أدائهم للواجبات وحقوقهم وحرياتهم وضمانات حصولهم عليها ممارستهم لها تجاه السلطة
• و يجب أن يتصف الدستور بصفتين أساسيتين:
o الأولى هي الثبات : وتعني أن الدستور لا يتغير بسهولة إلا عن طريق استفتاء الشعب مثل الاستفتاء الذي أجرته مصر في مارس 2011 على دستورها القديم، بينما القوانين العادية يمكن تغييرها عن طريق مجلس الشعب وتصويت الأعضاء فيه دون اللجوء إلى رأي كل الناس كما يحدث في الاستفتاء على الدستور. والسبب في هذا الثبات أن عادة ما يكون هناك اتفاق بين شعب أي دولة على القواعد المنظمة لدولتهم ويصعب تغيير هذه القواعد الثابتة إلا بقيام ثورة كما حدث في مصر عام 2011 أو بعد حدث ضخم يجبر الجميع على إعادة الاتفاق على القواعد التي تحكمهم.
o أما الصفة الثانية فهي علو المكانة: وتعني أن الدستور أعلى من أي قانون يتفق عليه أعضاء مجلس الشعب أو أي قرار لرئيس الجمهورية ويقول القانونيون إن “الدستور هو أبو القوانين” ويقصدون بذلك أن أي قانون سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي ...إلخ , يجب أن يتفق مع أحكام الدستور وقواعده، وأسهل طريقة لإلغاء أي قانون هو الطعن بعدم دستوريته بمعنى عدم اتفاقه مع القواعد العامة التي قرر الشعب منذ إنشاء الدولة على السير عليها وبالتالي يفقد القانون المخالف للدستور قيمته. ولا ينطبق مبدأ علو الدستور على القوانين فقط بل على اللوائح المفسرة لأي قانون وعلى قرارات رئيس الجمهورية والوزراء وأي مسئول.
• وقد عرّفت المحاكم العليا المصرية (الدستورية العليا والإدارية العليا والنقض) الدستور بأنه "القانون الأساسي الأعلى، وهو الذي يُرسى القواعد، والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة، ويرسم لها وظائفها، ويضع الحدود والقواعد الضابطة لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة وضمانات حمايتها، وهو الإطار العام بما يحويه من مبادئ يتعين التزامها من السلطات العامة ومن المواطنين، ويجب أن تأتى جميع القوانين متوافقة مع مبادىء الدستور، وفى حالة مخالفتها يمكن الطعن بعدم دستورية هذه القوانين وإلغائها".
أنواع الدساتير
تُقسم الدساتير إالى أنواع كما هو مبين:
أولا / تدوين الدساتير
• إن التمييز بين الدساتير المكتوبة والدساتير غير المكتوبة يقوم على أساس العنصر الغالب أو الأعم ، حيث يرى بعض فقهاء القانون الدستوري إن الدستور يعتبر مكتوباً إذا كان في أغلبه صادر في شكل وثيقة أو عدة وثائق رسمية من المشرع الدستوري ، ويعتبر غير مكتوب إذا كان في أغلبه مستمدا من العرف والقضاء أي من غير طريق التشريع. و الدول التي تأخذ بالدستور المكتوب لا تنكر إن للقواعد العرفية دوراً إلى جانب الوثائق الدستورية المكتوبة.
• و هناك عناصر مكوّنة للعرف فالمادة من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية هو الممارسة المقبولة بمثابة قانون و يشترط لتكوينه توافر عنصرين "مادي" و "معنوي". العنصر المادي هو تكرار وقائع معيّنة بصورة دائمة و واضحة و ثابتة. أما العنصر المعنوي ينتج عن الإعتقاد السائد لدى أشخاص القانون المختصين بتنفيذ العرف بأنهم يخضعون لقاعدة قانونية ملزمة.
الدساتير المدونة
يعتبر الدستور مدوناً إذا كانت غالبية قواعده مكتوبة في وثيقة أو عدة وثائق رسمية صدرت من المُشرع الدستوري (يعنى من اسمها مدونة = "مكتوبة"). و قد ظهرت أول الدساتير المكتوبة في القرن الثامن عشر ، حيث أخذت بها الولايات الأمريكية التي بدأت تضع دساتيرها بعد استقلالها عن إنجلترا ، وبازدياد الروابط بين الولايات تحولت إلى نظام الدولة الاتحادية، وظهر أول دستور مدون و هو الدستور الاتحادي بين الولايات سنة 1787 دخل حيز النفاذ بعد سنتين وهو الساري الآن في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن اُدخل عليه الكثير من التعديلات. و تبنت بعد ذلك الدول الأخرى فكرة الدساتير المكتوبة، فتلت فرنسا الولايات المتحدة في وضع دستور مكتوب وهو دستور سنة 1791 بعد الثورة الفرنسية. و انتشرت فكرة الدساتير المكتوبة إلى كل بلاد العالم، بحيث أصبحت الدساتير المكتوبة هي القاعدة العامة و الدساتير غير المكتوبة ( العرفية )
الدساتير غير المدونة
وهي عبارة عن قواعد عرفية استمر العمل بها لسنوات طويلة حتى أصبحت بمثابة القانون الملزم وتسمى أحيانا "الدساتير العرفية"، نظرا لأن العرف يعتبر المصدر الرئيسي لقواعدها. و تكون الدساتير عرفية عندما تستند إلى العرف ولا تضمها وثيقة خاصة ، والعرف هو تصرف مادي وسلوك معين تقوم به مؤسسات الدولة أو بعض هذه المؤسسات ولا يحصل اعتراض على هذا السلوك بوصفها تتميز بوصف قانوني . و يعتبر الدستور الإنجليزي المثال الأبرز على الدساتير غير المدونة لأنه يأخذ غالبية أحكامه من العرف وبعضها من القضاء، وإن وجدت بعض الأحكام الدستورية المكتوبة كالعهد الأعظم (Magna Carta ) الصادر سنة 1215 ووثيقة ملتمس الحقوق (Petition of Rights ) الصادرة سنة 1629 ، ووثيقة إعلان الحقوق (Bill of Rights) الصادرة سنة 1688 ، و وثيقة الانضمام بين إنجلترا و ايرلندا سنة 1800 ، و وثيقة البرلمان (Parliament Act) سنة 1911 و وثيقة تنظيم الوصاية على العرش (The Regency Bill) سنة 1937 و القانون الصادر عام 1949 الخاص بتقييد اختصاصات مجلس اللوردات و قانون سنة 1958 الذي سمح للنساء بأن يكن عضوات في مجلس اللوردات. ويكاد يكون الدستور الانجليزي المثال الوحيد للدستور غير المدون في العصر الحديث.
ثانيا تعديل الدساتير
الدساتير المرنة:
هي التي يمكن تعديلها بنفس الإجراءات التي يتم بها تعديل القوانين العادية أي بواسطة السلطة التشريعية وأبرز مثال لها هو الدستور الإنجليزي (إذ تعتبر الدساتير العرفية دساتير مرنة). فسلطة التعديل ممنوحة للبرلمان حيث يستطيع أن يعدل الدستور بالطريقة التي يعدل بها أي قانون عادي آخر ، كما يمكن أن تتسم الدساتير المكتوبة بالمرونة إذا لم تشترط إجراءات معقدة لتعديلها ، مثل دستور إيطاليا لسنة 1848 و دستور الاتحاد السوفيتي السابق لسنة 1918. ويترتب على ذلك أن الدستور المرن لا يتمتع بأي سمو شكلي على القانون العادي، فلو أصدر المشرع العادي قانوناً خالف به نصاً دستوريا، فهذه المخالفة تعد تعديلاً للنص الدستوري. و ينبني على ذلك عدم وجود فرق بين الدستور المرن والقانون العادي من الناحية الشكلية، ويبقى الفرق موجوداً من الناحية الموضوعية فقط، لأن الموضوع الذي تعالجه النصوص الدستورية يختلف بطبيعة الحال عن المواضيع التي تنظمها وتعالجها القواعد القانونية العادية.
الدساتير الجامدة :
إن معظم الدساتير النافذة في الوقت الحاضر هي دساتير جامدة بالنظر لاختلاف إجراءات تعديلها عن إجراءات تعديل القوانين العادية، حيث يستلزم تعديلها إجراءات أشد و أصعب من تلك التي تم بها تعديل القوانين العادية. و يتميز الدستور الجامد بالثبات و الاستقرار ، وتحقيق الاحترام للدستور سواء لدى أفراد الشعب أو الهيئات الحاكمة. و من أمثلة الدساتير الجامدة: دستور أمريكا و الدستور الفرنسي و دستور أستراليا الفيدرالي.
و يتراوح جمود الدستور بين حظر تعديل الدستور، و بين جواز التعديل بشروط خاصة. و تختلف الدساتير اختلافا كبيراً فيما تورده من أحكام بشأن كيفية تعديلها و تكون إجراءات التعديل مكتوبة عادة في صلب الدستور و يعتبر هذا جمود نسبي. أما الجمود المطلق فيعني تحريم تعديل الدستور جزئياً أو كلياً بشكل مطلق. و إن واضعي الدساتير المحظور تعديلها عادةً لا يوردون فيها نصاً بالحظر المطلق من كل قيد، بل يلجأون إلى نوعين من الحظر. الحظر الزمني حيث يتم تحديد فترة زمنية كافية لتثبيت أحكام الدستور قبل السماح باقتراح تعديلها، أو الحظر الموضوعي وذلك لحماية أحكام معينة في الدستور بطريقة تحول دون تعديلها أصلا، حيث يتقرر هذا الحظر بالنسبة لأحكام معينة في الدستور تعتبر جوهرية كنظام الحكم المقرر، و من أمثلة الدساتير التي أخذت بالحظر الموضوعي هو دستور البرتغال لسنة 1991 الذي يحظر تعديل شكل الحكومة الجمهورية
أما تحريم المساس بجميع نصوص الدستور بشكل مطلق ودون تحيد لفترة زمنية معينة يسمى بالحظر أو الجمود المطلق الكلي الدائم كالدستور اليوناني الصادر عام 1864. و هناك اختلاف بين الفقهاء حول مشروعية الحظر المطلق ولكن وفق الرأي أن المسألة تعتمد على مضمون الحظر وهدفه البعيد. فكل حظر هدفه الحفاظ على مبدأ الدستورية مطلوب وهذا ما يقرره الشعب صاحب السلطة الحقيقي. وقد جسدت الثورة الفرنسية هذه الحقيقة فنصت المادة الأولى من الفصل السابع من الدستور الفرنسي لعام 1791 على أن "الجمعية الوطنية التأسيسية تعلن بأن حق الأمة بتغيير دستورها غير قابل للسقوط أو التقادم".
مبدأ سمو الدستور
المقصود بسمو الدستور إنه القانون الأعلى في الدولة لا يعلوه قانون آخر, و قد نصت عليه أغلب دساتير دول العالم مثل دستور إيطاليا و دستور الصومال.
و سمو الدستور يكون على جانبين اساسيين هما:
السمو الموضوعي: و نقصد به إن القانون الدستوري يتناول موضوعات تختلف عن موضوعات القوانين العادية. وهذا السمو يستند على موضوع القواعد الدستورية و مضمونها والتي لا تنحصر في دساتير معينة بل موجودة في جميع الدساتير المكتوبة و العرفية جامدة أم مرنة. و يترتب على السمو الموضوعي ان الدستور هو القانون الاساسي في الدولة و هو الذي يبين أهداف الدولة و يضع الإطار السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي ، و ان الدستور هو الجهة الوحيدة التي تنشئ السلطات الحاكمة و تحدد اختصاصاتها ، و على هذه السلطات احترام الدستور لانه هو السند الشرعي لوجودها. و يؤدي إلى تأكيد مبدأ المشروعية و مبدأ تدرج القواعد القانونية و خضوع القاعدة الادنى درجة للقاعدة الأعلى درجة. كما ان الاختصاصات التي تمارسها السلطات التشريعية و التنفيذي و القضائية مفوضة لهم بواسطة الدستور, فلا يحق لها تفويض اختصاصاتها لجهة أخرى إلا بنص صريح من الدستور.
السمو الشكلي: و نقصد به ان القانون الدستوري هو القانون الذي نتبع في وضعه و تعديله اجراءات معينة اشد من الاجراءات اللازمة لوضع و تعديل القوانين العادية. و هذا السمو موجود في الدساتير المكتوبة الجامدة فقط. و يترتب على السمو الشكلي وجود سلطتين:
1- سلطة مؤسِسة, و هي التي تؤسس و تضع الدستور. 2- سلطة مؤسَسة, و هي التي تم انشاءها.
كما إن السمو الشكلي يضمن احترام الدستور و قواعده و ينظم الرقابة على دستورية القوانين.