الأثبات: اقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتبت أثارها.
اي ان الدليل يقدم من قبل الخصوم امام القضاء و بالطرق المعتبرة قانوناَ على وجود واقعة قانونية تختلف عليها فيما بينهم.
فالاثبات بمعناه القانوني ينصب على وجود واقعة قانونية ترتبت اثارها فمحل الاثبات ليس هو الحق المدعى به بل المصدر القانوني الذي انشأ هذا الحق.
طرق الاثبات: هي الوسائل التي يلجأ اليها الخصوم لأقناع القاضي بصحة الوقائع التي يدعونها.
فالاثبات اقناع والاقناع لا يرد على امر مبهم.
طرق الاثبات في القانون العراقي:
الدليل الكتابي.
الأقرار.
الأستجواب.
الشهادة.
القرائن.
حجية الأحكام.
اليمين.
المعاينة.
الخبرة.
ولكل طريقة من طرق الاثبات حجيته في الاثبات حددها القانون وفق قواعد معينة.
وللخصوم اختيار دليل من ادلة الاثبات يجيزه القانون. فأذا اختار الخصم دليلاَ وعدل عنه الى دليل آخر فله ذلك سواء عجز عن الاثبات بالدليل او عدل عن هذا الدليل بعد المضي به ما عدا اليمين لكون اللجوء الى اليمين يعتبر نزولاَ عما عداه من ادلة الاثبات.
م/ 111 اثبات ( طلب توجيه اليمين يتضمن النزول عما عداها من طرق الاثبات....)
وهناك قيود على سلطة القاضي في تقدير ادلة الاثبات وهي:
القيد الاول: الاقرار: اذ لا يستطيع القاضي تقدير الدليل بل عليه ان يتأكد من توفره.
القيد الثاني: المنطق: على القاضي ان لا يتعسف في سلطته التقديرية للدليل بل وسلطة القاضي التقديرية تخضع لرقابة محكمة التميز.
مذاهب الأثبات:
يوازن القانون في تمسكه بالحقيقة القضائية دون الحقيقة الواقعية. لأعتبارين هما:
أ. اعتبار العدالة ذاتها وهذا يدفعه الى تلمس الحقيقة الواقعية بكل السبل ومن جميع الوجوه حتى تتفق مع الحقيقة القضائية.
ب. اعتبار استقرار التعامل: تقييد القاضي في الادلة التي يأخذ بها.
المذهب الاول: مذهب الأثبات الحر (المطلق):
يرى هذا المذهب ان الاثبات القضائي هو اقناع لعقل القاضي، والاقناع لا يقبل بقواعد قانونية، بل تقبل لأجله الادلة والوسائل التي يستطيع الخصوم تقديمها.
وللقاضي حرية تامة في تقدير قيمة كل دليل من ادلة الاقبات. وبذلك يصبح الامر (الاثبات) نفسياَ أو منطقياَ اكثر منه قانونياَ.
ويقوم هذا المبدأ على مبدأين:
المبدأ الاول: عدم تحديد أدلة الاثبات: وفقاَ لهذا المذهب الخصوم احرار بتقديم ادلة الاثبات. والمهم هنا يشترط في هذه الأدلة ةالتي يلجأ اليها القاضي ان تؤدي الى اقناعه بصحة الواقعة او التصرف. لذا يشترط في الدليل ان يكون معقولاَ وغير مخالف للقانون.
المبدأ الثاني: بموجب هذا المذهب القاضي حر في ترجيح الدليل، فجميع الادلة مقبولة ولا يوجد ترجيح لدليل على آخر، فللخصوم الحرية في اختيار الدليل الذي يقنع القاضي الذي بدوره له الحرية في السعي الى جمع الادلة واستدراج الخصوم بكافة الوسائل. وهذا بدوره يؤدي الى التطابق بين الحقيقة القضائية والحقيقة الواقعية.
الانتقاد الموجه لهذا المذهب:
1.العدالة التي يؤديها اليها هي عدالة ظاهرية اكثر منها حقيقية.
2.الحرية الممنوحة للقاضي تتنافى مع الاستقرار في المعاملات.
3.لأختلاف القضاة في التقدير، هذا يزعزع الثقة في المعاملات.
4.قد يكون القاضي غير نزيه، فحكم بما يهوى دون رقيب.
المذهب الثاني: مذهب الأثبات القانوني(المقيد):
يقوم هذا المذهب على اساس الحد من حرية القاضي بهدف توحيد الاحكام القضائية في القضايا المتشابهة و منعه التعسف فدور القاضي وفقاَ لهذا المذهب دوراَ سلبياَ يقتصر على ما يرتبه القانون وما يقدمه الخصوم من ادلة قانونية في حكمه.
- تحديد ادلة الاثبات: يمنع القاضي من اعتماد ما يشاء من ادلة الاثبات بل عليه ان يتقيد بها وفي النطاق الذي حدده القانون لكل منها.
- تحديد حجية ادلة الاثبات: حدد المشرع القيمة الاثباتية لكل دليل من ادلة الاثبات ويضع تسلسلاَ لكل دليل من هذه الادلة, يبدء من الاقوى الى الاضعف من حيث قوة الحجية في الاثبات، فالقانون يحدد الحالات التي تقبل فيها الشهادة والقرائن. ويستند تقييد حجية ادلة الاثبات الى عاملين:
الاول: عدم الثقة ببعض ادلة الاثبات كالشهادة لصعوبة التحقق من صدقها.
الثاني: الحد من حرية القاضي في الاثبات.
الآثار المترتبة على كون دور القاضي سلبياَ:
1.التزام القاضي الحياد: يقتصر دور القاضي على تلقي ادلة الاثبات ثم يتولى تقديرها مع مراعاة حدود حجية الاثبات التي قررها المشرع لهذه الادلة.
2.امكانية ابتعاد الحقيقة القضائية من الحقيقة الواقعية: فالحقيقة القضائية هي حقيقة نسبية لا يعتد بها الا بالنسبة لطرفي الدعوى. فأذا اظهرت الحقيقة الواقعية بأي طريق اخر غير طرق الاثبات لا يستطيع القاضي الحكم بها.
المذهب الثالث- مذهب الأثبات المختلط:
يقوم هذا المذهب على الجمع بين المذهبين السابقين. فقد سمح للقاضي في توجيه اطراف الدعوى واستكمال الادلة الناقصة والاستيضاح عن النقاط الغامضة في وقائع الدعوى المعروضة امامه بشرط عدم تعارضها مع تقيد القاضي بالادلة المحددة قانوناَ.
فالاثبات لا ينصب على مصادر الالتزام فقط، بل يتناول التصرف القانوني والواقعة القانونية فهما يختلفان في وسائل الاثبات. ويقوم هذا المذهب على اساس هذا الاختلاف بين اثبات التصرف القانوني واثبات الواقعة القانونية.
1.اثبات التصرف القانوني: التصرف القانوني هو وجود ارادة متجهة الى انشاء حق او تغييره فهو اركان تهيئة واعداد دليل كتابي لكي يكون من بعد وسيلة يمكن اثباتها اذا حصلت منازعة. فالاصل في اثبات التصرف القانوني يكون بالكتابة وهذه القاعدة ترد عليها بعض الاستثناءات منها وجود المانع الادبي او المادي.
2.اثبات الواقعة القانونية: هي حادث وقع بنشاط الانسان او حادث مادي محض اعتد به القانون ليولد منه مركزاَ قانونياَ عاماَ دائماَ او اثر قانوني محدودة. والواقعة القانونية يجوز اثباتها بكافة طرق الاثبات.
3. وهنا يكون للقاضي دوراَ ايجابياَ يظهر في اكماله ما نقص من ادلة الخصوم عندما يراها غير كافية ودور سلبي يظهر في عدم امكانه تغيير موضوع الطلب.
موقف المشرع العراقي من مذاهب الاثبات:
اخذ المشرع العراقي بالمذهب المختلط . فمن دراسة نصوص قانون الاثبات العراقي يتبين لنا الدور الايجابي للقاضي من خلال توسيع سلطته في توجيه الدعوى. مادة (1) و مادة (17)
وكذلك في حالة الاستجواب مادة 71 وفي حالة توجيه اليمين م (120).
كما يجيز القانون للقاضي الاستعانة بخبير او اكثر اذا اقتضى موضوع الدعوى واجازت المادة (69) للقاضي ان يدعوا اي شخص للاستيضاح منه ويظهر الدور السلبي للقاضي من خلال منعه من الحكم بناء على علمه الشخصي المتحصل عليه من خارج القضاء.
- لا يجيز القانون العراقي الاخذ بشهادة في اثبات وجود (التصرف القانوني) او انقضاءه اذا كانت قيمته تزيد على 5000 دينار.
من خلال ما تقدم يتبين لنا ان القانون العراقي قد نهج منهج الاثبات المختلط فأعطى القاضي دوراَ ايجابياَ في توجيه الدعوى ودور سلبي في منعه من الحكم بعلمه الشخصي وتقييده ببعض ادلة الاثبات.
المبادئ العامة في الأثبات:
1. مبدأ حياد القاضي.
2. مبدأ دور الخصوم في الاثبات.
المبدأ الاول- مبدأ حياد القاضي: عمل القاضي يتركز في تطبيق القانونفعندما يقدم طرفا الدعوى الاسانيد والادلة يبدأ عمل القاضي من خلال:
1.التمحيص و التدقيق في وقائع النزاع.
2.بيان حكم القانون بما ثبت لديه من الوقائع واصدار حكم فاصل في النزاع.
فالقاضي يقوم بدور الحكم بين الخصوم بحيث يقف موقفاَ سلبياَ مقتصراَ عمله على تقدير الادلة التي يوجهها له الخصوم بالوسائل التي حددها القانون.
فلا يجوز ان يحكم القاضي بعلمه الشخصي او على معلوماته الشخصية لأنه قاضياَ وليس شاهداَ. كما لايجوز للقاضي ان يوجه الخصم الى أن مصلحته في تقديم دليل معين.
ولا يجوز للقاضي ان يستند في حكمه على دليل قام في قضية اخرى.
وعليه فأن أهم مظاهر حياد القاضي أثناء التقاضي:
أ. قاعدة عدم جواز الجمع بين صفتي الخصم والحكم.
ب. قاعدة عدم جواز قضاء القاضي بعلمه.
ت. وجوب المساواة بين الخصوم أمام القضاء.
ومبدأ حياد القاضي لا يعني سلبيته فلا تعارض بين هذا المبدأ والسلوك الايجابي للقاضي في ادارة الدعوى.
دور الخصوم في الأثبات:
الأثبات واجب على الخصوم وحق لهم, فالمدعي يقدم الدليل على ما يدعيه والا خسر الدعوى. وعلى المدعي عليه أن يفند الدليل وينقضه.
والاثبات يكون بالطرق التي حددها القانون, وللقاضي الحرية في تقدير قيمة الادلة كما للخصم ان يطلب الاطلاع على جميع ادلة خصمه للاطلاع عليها ليكون قادراَ على تفنيدها، ويسمى هذا المبدأ (مبدأ المجابهة بالدليل) قلا يجوز للمحكمة ان تأخذ بدليل لم يعرض على الخصم لمناقشته كما لا يجوز للمحكمة الاخذ بدليل تم مناقشته في قضية اخرى.
وأهم مظاهر حق الخصم في الاثبات:
1.الحق في نفي ادلة الخصم، وهذا يجسد مبدأ المساواة بين الخصوم في المراكز الاجرائية.
2.الاعتراض على تقديم الدليل، (مراعاة طرق الاثبات)
3.الاعتراض لعدم مراعاة الاجراءات (الالتزام بأجراءات تقديم الادلة وفق قانون الاثبات)
4.الحق في توجيه اليمين الحاسمة للخصم. (مقيد بعدم جواز التعسف في استعمال الحق)
5.حق الخصم في الاستشهاد بالشهود، اجراء المعاينة، المطالبة بتعين الخبير، الزام الخصم او الغير بتقديم الدفاتر و السندات في حوزته.
أما اهم القيود ، هي:
1.منع الخصم من اصطناع الدليل لنفسه: يجب ان يكون الدليل الذي يحتج به الخصم صادراَ من خصمه لكي يكون دليلاَ عليه (ورقة مكتوبة بخطه أو عليها امضائه). فلا يصدق المدعي بقوله ولا بيمينه اذا لم توجه له اليمين ولا بورقة صادرة منه.
2.عدم اجبار الخصم على تقديم دليل ضد نفسه: الاصل عدم جواز اجبار الخصم على تقديم دليل يرى انه ليس من مصلحته تقديمه، وترد استثناءات على هذا المبدأ بهدف الوصول الى حقيقة النزاع وايصال الحق الى اصحابه.
طبيعة قواعد الاثبات:
■قواعد الاثبات ق تكون قواعد موضوعية تتعلق بعبْ الاثبات ومحله وطرقه وقد تكون قواعد اجرائية تتعلق بقواعد واجراءات الاثبات.
■فالقواعد الاجرائية تكون من النظام العام وعلى الكافة الالتزام بها.
سريان قواعد الأثبات من حيث الموضوع
المادة (11) من قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979 حددت سريان قانون الاثبات على:
1.القضايا المدنية والتجارية.
2.الامور المالية المتعلقة بالاحوال الشخصية.
3.المسائل غير المالية المتعلقة بالاحوال الشخصية ما لم يوجد دليل شرعي خاص أو نصفي قانون الاحوال الشخصية يقضي بخلاف ما ورد في هذا القانون.
سريان قواعد الأثبات من حيث الزمان
الاصل عدم رجعية القانون، وهو مبدأ الهدف منه تحقيق العدل و الحفاظ على استقرار المعاملات. فالقانون الجديد يسري للمستقبل دون الماضي.
أما بالنسبة لقانون الاثبات فأن الاقبات يظل خاضعاَ للقانون القديم الذي تم التصرف في ظله.
سريان قواعد الأثبات من حيث المكان:
م/ (13) أولاَ: (يسري في شأن أدلة الاثبات قانون الدولة التي تم فيها التصرف القانوني ومع ذلك يجوز للمحكمة تطبيق القانون العراقي اذا كان دليل الاثبات فيه أيسر من الدليل الذي يشترطه القانون الاجنبي)
محل الاثبات
1. اثبات مصدر الحق:
محل الاثبات هو مصدر الحق المدعى به سواء كان تصرف قانوني او واقعة مادية. فالمدعي عندما يريد اثبات وجود حق له سواء كان حقاَ شخصياَ او عينياَ فهو يثبت مصدر هذا الحق الذي قد يكون تصرف قانوني كالعقد، او يكون واقعة مادية كالكسب دون سبب.
والادعاء بالحق ينقسم الى عنصرين:
أ. عنصر الواقع.
ب. عنصر القانون.
اثبات الواقع: المقصود منه التصرف القانوني او الواقعة القانونية التي انشأت هذا الحق ويقع عبْ اثباته على المدعي وتطبيق القانون مهمة القاضي من خلال تكييف التصرف القانوني او الواقعة القانونية وهو(اثبات القانون) فالقاضي يطبق القانون ولا يستطيع الامتناع بحجة عدم وجود نص قانوني يحكم القضية والا يعد مرتكب لجريمة انكار العدالة.
شروط الواقعة محل الاثبات:
المادة (10) ( يجب ان تكون الواقعة المراد اثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وجائزاَ قبولها)
1. الشروط الطبيعية للواقعة محل الاثبات:
أ. واقعة محددة: الاثبات يأتي على شيء محدد فلا يجوز اثبات واقعة غير محددة فالمحل غير المحدد يتعذر اثباته.
ب. الواقعة ممكنة: اي غير مستحيلة فأذا كانت مستحيلة لا يقبل اثباتها لأن ذلك عبث والعبث لا يقبل به القضاء.
والاستحالة قد تكون قانونية اي مستحيلة بحكم القانون او استحالة ذاتية اي ان المطلوب مستحيل في ذاته.
ت. الواقعة متنازع فيها: يشترط في المحل المراد اثباته ان يكون متنازعاَ فيه بين الخصوم.
2. الشروط القانونية للواقعة محل الاثبات:
أ. الواقعة متعلقة بالدعوى: ان تكون الواقعة محل الاثبات متعلقة بالحق المدعى به.
ب. الواقعة منتجة: اذا كان اثبات الواقعة يؤدي الى اقناع القاضي بصحة الحق المدعى به، فأن هذه الواقعة تعتبر منتجة.
ت. الواقعة جائزة الاثبات قانوناَ: اذا تعارضت مصلحة الخصوم في الدعوى مع المصلحة العامة فأن المصلحة العامة هي التي تتقدم.
فالواقعة المستحيلة لا يجوز اثباتها وبعض الوقائع الاخرى ةالتي لها علاقة بسير القضاء (لا يجوز اثبات واقعة مخالفة لما هو ثابتة في حكم قضائي) وكذلك يمنع الاثبات في الوقائع (المتعلقة بالنظام العام والاداب العامة مثل العلاقة الجنسية غير المشروعة. اثبات دين القمار والربا ...الخ) وما يتعارض مع افشاء سر المهنة.
عبء الاثبات:
أن من يقع عليه واجب أو عبْ الاثبات للواقعة محل النزاع أن يكون في مركز اضعف من مركز خصمه.
س/ ما هي القواعد التي حددها القانون لتحديد الطرف الذي يتحمل عبء الاثبات؟
وضع قانون الاثبات ثلاث قواعد وهي:
1.الاصل براءة الذمة: ان الاصل في كل شخص غير مشغولة بحق لأخر ومهما كانت طبيعة هذا الحق والذي يدعي خلاف ذلك عليه عب} الاثبات.
والدليل على براءة الذمة ورد في القرلآن الكريم والسنة النبوية والقواعد الفقهية والعقل السليم.
2.تحديد المدعى والمدعى به:
المادة(7) الفقرة الثانية من قانون الاثبات ( المدعي هو من تمسك بخلاف الظاهر والمنكر هو من يتمسك بأبقاء الاصل) فعند تحديد المدعي عليه يبين لنا من يتحمل عبْ الاثبات (فمن يتمسك بالثابت لا يكلف بأثباته وانما يقع الاثبات على عاتق من يدعي خلاف هذا الاصل)
1.البينة على من ادعى واليمين على من انكر:
2.لا يقبل قول انسان فيما يدعيه بمجرد الدعوى بل يحتاج الى البينة او تصديق المدعي عليه. فالذي يتمسك بالظاهر لا يطالب بالاثبات بل يقع عبْ الاثبات على من يتمسك بالصورية والظاهر قد يكون اصلاَ او عرضاَ او فرضاَ.
اجراءات الاثبات:
تشمل جميع طرق الاثبات التي حددها القانون سواء كانت على التصرفات القانونية او الواقعة القانونية. وميَز قانون الاثبات بين الاجراءات التي تتم داخل العراق وخارجه بالاضافة الى انه منح القاضي سلطة اتخاذ اجراءات الاثبات والعدول عنها.
أولاَ- اجراءات الاثبات داخل العراق:
الحالة الاولى: حضور اجراءات الاثبات. المادة (14) نصت على ( يدعى الخصم لحضور اجراءات الاثبات ويجوز اتخاذ هذه الاجراءات بغيابه اذا كان قد تبلَغ وتلف عن الحضور.) فالاصل كقاعدة عامة هو حضور الخصوم أمام المحكمة لغرض اجراءات الاثبات بعد أن تحدد المحكمة موعداَ لأتخاذ هذه الاجراءات. اما اذا لم يبلَغ الخصم بالموعد فأن الاجراءات التي تتخذها المحكمة لغرض الاثبات تعتبر غير قانونية.
الحالة الثانية: تعذَر حضور اجراءات الاثبات:
اذا لم يحضر الخصم أمام المحكمة بارغم من تبليغه و وجد عذر مقبول قانوناَ يمنع حضوره مثل المرض الشديد او العوق أو التقدم في العمر أو اي مانع آخر تقتنع به المحكمة.
فيجوز للمحكمة الانتقال الى موقع الشاهد أو الخصم لغرض الشهادة أو اليمين أو الاستجواب. فأذا كانت المحكمة مشكلة من هيئة جاز لها أن تنتدب احد اعضائها من القضاة للانتقال الى موقع الخصم أو الشاهد للقيام بأجراءات الاثبات واذا كان موقع المحكمة بعيدا عن موقع الشاهد أو الخصم فيجوز لها انابة المحكمة التي يقيم فيها الخصم او الشاهد.
وفي حالة الكشف على الاموال التي تقع خارج دائرة المحكمة فيجوز القيام بها في المحكمة ذاتها أو بواسطة خبير تنتدبه لهذا الغرض.
وكل ما تقدم ذكره ينظم بمحضر تثبت فيه هذه الاجراءات.
ثانياَ- اجراءات الاثبات خارج العراق:
1. اجراءات الاثبات خارج العراق.
2. الاجراءات وفق التعاون القضائي والقانوني (الانابة القضائية)
3. الاجراءات وفق مبدأ المعاملة بالمثل.
4. البيانات والمصاريف.
أولاَ- اجراءات الاثبات خارج العراق: يجوز للمحكمة ان تطلب من وزارة الخارجية أن يقوم القنصل أو من يقوم مقامه بأستجواب الخصم أو تبليغه أو تحليف اليمين أو الاستماع الى شهادة الشهود.
ثانياَ- الاجراءات وفق التعاون القضائي والقانوني (الانابة القضائية)
س/ كيف تتم اجراءات الانابة القضائية؟
1.يحرر طلب الإنابة القضائية وفقاَ لقانون البلد الطالب.
2.أن يكون الطلب مؤرخاَ موقعاض مختوماَ. وكذلك الاوراق المرفقة بها.
3.بيان نوع القضية والجهة الصادرة منها والجهة المطلوب منها التنفيذ.
4.يجب بيان التفاصيل المتعلقة بوقائع القضية. مثل اسماء الشهود ومحل اقامتهم والاسئلة المطلوب توجيهها.
5.تتم هذه الانابة وفقاَ للأجراءات القانونية المعمول بها في قوانين الطرف المتعاقد المطلوب منه.
ثالثاَ- الاجراءات وفق مبدأ المعاملة بالمثل:
اذا لم توجد معاهدة فيتم مفاتحة وزارة الخارجية لأتخاذ اللازم وبالطرق الدبلوماسية فتتم اجراءات الاثبات على مبدأ المعاملة بالمثل.
س/ ما هو الهدف من مبدأ المعاملة؟
1.تحقيق المساواة بين الاجانب الموجودين في الداخل و الوطنيين في الخارج.
2.تكفل الدولة للاجنبي معاملة مماثلة لتلك المعاملة التي يتلقاها رعاياها في دولة الاجنبي.
3.أن لا يعطى الاجنبي اكثر مما يعطى رعايا الدولة في دولة الاجنبي.
س/ كيف تقرر مبدأ المعاملة؟
تقرر مبدأ المعاملة أما بمعاهدة ثنائية بين دولتينأو بنص صريح على حقوق معينة يتمتع بها رعايا كل دولة في الدولة الاخرى.
رابعاَ- البيانات والمصاريف:
1.البيانات: على المحكمة التي تنظر الدعوى ان تثبت البيانات التي يطلب الاستجواب عنها أو صيغة اليمين التي يراد تحليفها أو الاسئلة التي توجه الى الشاهد. بشرط أن تكون بلغة البلد المرسل اليه.
2.المصاريف: مصاريف اجراء الاثبات تلتزم بها محكمة الموضوع وتعود بها على الخصم التي تمت هذه الاجراءات لصالحه.
طرق الاثبات
الدليل الكتابي
السندات الرسمية
عرفت المادة (21/ اولا) من قانون الاثبات العراقي السندات الرسمية بأنها التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة طبقاَ للأوضاع القانونية وفي حدود اختصاصه ماتم على يديه أو ما ادلى به ذوو الشأن في حضوره.
شروط انشاء السند الرسمي
1- صدور السند الرسمي من موظف عام أو مكلف بخدمة عامة. ويقصد بالموظف العام كل شخص عهدت اليه وظيفة دائمة داخلة في الملاك الخاص بالموظفين.
ولا تزول الصفة الرسمية عن الموظف اذا كان قد عين بشكل يخالف احكام القانون، كأن يكون فاقدا لشرط من شروط التعيين فمثل هذا النقص لا يؤثر على رسمية السند, فيبقى السند محتفظا بصفته الرسمية حتى وان لم تكن شروط تعيينه مستكملة. واذا انتهت خدمة الموظف بالفصل أو العزل أو الاستقالة أو التقاعد أو لأي سبب أخر, وقام بكتابة سند بعد تبليغه بقرار انتهاء خدمته، فيعد السند باطلاَ لا قيمة له، لأنه فقد ولايته في القيام بواجبات وظيفته الرسمية.
2- صدور السند الرسمي في حدود الاختصاص
يشترط لأضفاء صفة الرسمية على السند أن يصدر من الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة في حدود اختصاصه. والاختصاص قد يكون موضوعيا او مكانيا او زمانيا.
3- مراعاة الاوضاع القانونية في انشاء السند الرسمي: كل سند من السندات الرسمية له شكليات واوضاع قانونية تنص عليها القوانين الخاصة، فعلى الكاتب العدل مثلاَ ان يذكر بوضوح الاسم الثلاثي واللقب او الشهرة ان وجد. ومحل اقامة كل من ذوي العلاقة والموقعين كل حسب صفته.ويذكر تأريخ التنظيم او التوثيق بالحروف والارقام معاَ. ويوقعه ويختمه بالختم الرسمي
4- جزاء الاخلال بشروط انشاء السند الرسمي: السند لايعد رسمياَ لا تكون له حجية الا حجية السند العادي. ومن البيانات الجوهرية لرسمية السند، ذكر اسم الموظف العام المختص وعنوانه الوظيفي، واسماء الاطراف وتأريخ السند وتلاوة الكاتب العدل لمحتويات السند.
حجية السند الرسمي في الاثبات:
1- حجية السند الرسمي من حيث الرسمية: اذا كان المظهر الخارجي للسند لا يبعث على الشك فيه كوجود كشط او محو او اضافة فعند ذاك تتوفر في السند قرينة قانونية على اعتباره سندا رسميا صحيحاَ واعفي من يتمسك به من اثبات صحة صدوره ممن يحمل تواقيعهم وهم الموظف العام واصحاب العلاقة اولا ومن اثبات خلوه من التغييرات اللاحقة على انشائه ثانياَ.
2- حجية السند الرسمي بالنسبة للأشخاص:السند الرسمي يعد حجة على الموقعين عليه وعلى الغير وعلى الناس كافة.
3- حجية البيانات المدونة في السند الرسمي:
آ- بيانات ينحصر نطاقها في الامور المادية التي تصدر من الموظف العام تنفيذا لواجباته الرسمية او الوقائع التي قام بها
اي ان الدليل يقدم من قبل الخصوم امام القضاء و بالطرق المعتبرة قانوناَ على وجود واقعة قانونية تختلف عليها فيما بينهم.
فالاثبات بمعناه القانوني ينصب على وجود واقعة قانونية ترتبت اثارها فمحل الاثبات ليس هو الحق المدعى به بل المصدر القانوني الذي انشأ هذا الحق.
طرق الاثبات: هي الوسائل التي يلجأ اليها الخصوم لأقناع القاضي بصحة الوقائع التي يدعونها.
فالاثبات اقناع والاقناع لا يرد على امر مبهم.
طرق الاثبات في القانون العراقي:
الدليل الكتابي.
الأقرار.
الأستجواب.
الشهادة.
القرائن.
حجية الأحكام.
اليمين.
المعاينة.
الخبرة.
ولكل طريقة من طرق الاثبات حجيته في الاثبات حددها القانون وفق قواعد معينة.
وللخصوم اختيار دليل من ادلة الاثبات يجيزه القانون. فأذا اختار الخصم دليلاَ وعدل عنه الى دليل آخر فله ذلك سواء عجز عن الاثبات بالدليل او عدل عن هذا الدليل بعد المضي به ما عدا اليمين لكون اللجوء الى اليمين يعتبر نزولاَ عما عداه من ادلة الاثبات.
م/ 111 اثبات ( طلب توجيه اليمين يتضمن النزول عما عداها من طرق الاثبات....)
وهناك قيود على سلطة القاضي في تقدير ادلة الاثبات وهي:
القيد الاول: الاقرار: اذ لا يستطيع القاضي تقدير الدليل بل عليه ان يتأكد من توفره.
القيد الثاني: المنطق: على القاضي ان لا يتعسف في سلطته التقديرية للدليل بل وسلطة القاضي التقديرية تخضع لرقابة محكمة التميز.
مذاهب الأثبات:
يوازن القانون في تمسكه بالحقيقة القضائية دون الحقيقة الواقعية. لأعتبارين هما:
أ. اعتبار العدالة ذاتها وهذا يدفعه الى تلمس الحقيقة الواقعية بكل السبل ومن جميع الوجوه حتى تتفق مع الحقيقة القضائية.
ب. اعتبار استقرار التعامل: تقييد القاضي في الادلة التي يأخذ بها.
المذهب الاول: مذهب الأثبات الحر (المطلق):
يرى هذا المذهب ان الاثبات القضائي هو اقناع لعقل القاضي، والاقناع لا يقبل بقواعد قانونية، بل تقبل لأجله الادلة والوسائل التي يستطيع الخصوم تقديمها.
وللقاضي حرية تامة في تقدير قيمة كل دليل من ادلة الاقبات. وبذلك يصبح الامر (الاثبات) نفسياَ أو منطقياَ اكثر منه قانونياَ.
ويقوم هذا المبدأ على مبدأين:
المبدأ الاول: عدم تحديد أدلة الاثبات: وفقاَ لهذا المذهب الخصوم احرار بتقديم ادلة الاثبات. والمهم هنا يشترط في هذه الأدلة ةالتي يلجأ اليها القاضي ان تؤدي الى اقناعه بصحة الواقعة او التصرف. لذا يشترط في الدليل ان يكون معقولاَ وغير مخالف للقانون.
المبدأ الثاني: بموجب هذا المذهب القاضي حر في ترجيح الدليل، فجميع الادلة مقبولة ولا يوجد ترجيح لدليل على آخر، فللخصوم الحرية في اختيار الدليل الذي يقنع القاضي الذي بدوره له الحرية في السعي الى جمع الادلة واستدراج الخصوم بكافة الوسائل. وهذا بدوره يؤدي الى التطابق بين الحقيقة القضائية والحقيقة الواقعية.
الانتقاد الموجه لهذا المذهب:
1.العدالة التي يؤديها اليها هي عدالة ظاهرية اكثر منها حقيقية.
2.الحرية الممنوحة للقاضي تتنافى مع الاستقرار في المعاملات.
3.لأختلاف القضاة في التقدير، هذا يزعزع الثقة في المعاملات.
4.قد يكون القاضي غير نزيه، فحكم بما يهوى دون رقيب.
المذهب الثاني: مذهب الأثبات القانوني(المقيد):
يقوم هذا المذهب على اساس الحد من حرية القاضي بهدف توحيد الاحكام القضائية في القضايا المتشابهة و منعه التعسف فدور القاضي وفقاَ لهذا المذهب دوراَ سلبياَ يقتصر على ما يرتبه القانون وما يقدمه الخصوم من ادلة قانونية في حكمه.
- تحديد ادلة الاثبات: يمنع القاضي من اعتماد ما يشاء من ادلة الاثبات بل عليه ان يتقيد بها وفي النطاق الذي حدده القانون لكل منها.
- تحديد حجية ادلة الاثبات: حدد المشرع القيمة الاثباتية لكل دليل من ادلة الاثبات ويضع تسلسلاَ لكل دليل من هذه الادلة, يبدء من الاقوى الى الاضعف من حيث قوة الحجية في الاثبات، فالقانون يحدد الحالات التي تقبل فيها الشهادة والقرائن. ويستند تقييد حجية ادلة الاثبات الى عاملين:
الاول: عدم الثقة ببعض ادلة الاثبات كالشهادة لصعوبة التحقق من صدقها.
الثاني: الحد من حرية القاضي في الاثبات.
الآثار المترتبة على كون دور القاضي سلبياَ:
1.التزام القاضي الحياد: يقتصر دور القاضي على تلقي ادلة الاثبات ثم يتولى تقديرها مع مراعاة حدود حجية الاثبات التي قررها المشرع لهذه الادلة.
2.امكانية ابتعاد الحقيقة القضائية من الحقيقة الواقعية: فالحقيقة القضائية هي حقيقة نسبية لا يعتد بها الا بالنسبة لطرفي الدعوى. فأذا اظهرت الحقيقة الواقعية بأي طريق اخر غير طرق الاثبات لا يستطيع القاضي الحكم بها.
المذهب الثالث- مذهب الأثبات المختلط:
يقوم هذا المذهب على الجمع بين المذهبين السابقين. فقد سمح للقاضي في توجيه اطراف الدعوى واستكمال الادلة الناقصة والاستيضاح عن النقاط الغامضة في وقائع الدعوى المعروضة امامه بشرط عدم تعارضها مع تقيد القاضي بالادلة المحددة قانوناَ.
فالاثبات لا ينصب على مصادر الالتزام فقط، بل يتناول التصرف القانوني والواقعة القانونية فهما يختلفان في وسائل الاثبات. ويقوم هذا المذهب على اساس هذا الاختلاف بين اثبات التصرف القانوني واثبات الواقعة القانونية.
1.اثبات التصرف القانوني: التصرف القانوني هو وجود ارادة متجهة الى انشاء حق او تغييره فهو اركان تهيئة واعداد دليل كتابي لكي يكون من بعد وسيلة يمكن اثباتها اذا حصلت منازعة. فالاصل في اثبات التصرف القانوني يكون بالكتابة وهذه القاعدة ترد عليها بعض الاستثناءات منها وجود المانع الادبي او المادي.
2.اثبات الواقعة القانونية: هي حادث وقع بنشاط الانسان او حادث مادي محض اعتد به القانون ليولد منه مركزاَ قانونياَ عاماَ دائماَ او اثر قانوني محدودة. والواقعة القانونية يجوز اثباتها بكافة طرق الاثبات.
3. وهنا يكون للقاضي دوراَ ايجابياَ يظهر في اكماله ما نقص من ادلة الخصوم عندما يراها غير كافية ودور سلبي يظهر في عدم امكانه تغيير موضوع الطلب.
موقف المشرع العراقي من مذاهب الاثبات:
اخذ المشرع العراقي بالمذهب المختلط . فمن دراسة نصوص قانون الاثبات العراقي يتبين لنا الدور الايجابي للقاضي من خلال توسيع سلطته في توجيه الدعوى. مادة (1) و مادة (17)
وكذلك في حالة الاستجواب مادة 71 وفي حالة توجيه اليمين م (120).
كما يجيز القانون للقاضي الاستعانة بخبير او اكثر اذا اقتضى موضوع الدعوى واجازت المادة (69) للقاضي ان يدعوا اي شخص للاستيضاح منه ويظهر الدور السلبي للقاضي من خلال منعه من الحكم بناء على علمه الشخصي المتحصل عليه من خارج القضاء.
- لا يجيز القانون العراقي الاخذ بشهادة في اثبات وجود (التصرف القانوني) او انقضاءه اذا كانت قيمته تزيد على 5000 دينار.
من خلال ما تقدم يتبين لنا ان القانون العراقي قد نهج منهج الاثبات المختلط فأعطى القاضي دوراَ ايجابياَ في توجيه الدعوى ودور سلبي في منعه من الحكم بعلمه الشخصي وتقييده ببعض ادلة الاثبات.
المبادئ العامة في الأثبات:
1. مبدأ حياد القاضي.
2. مبدأ دور الخصوم في الاثبات.
المبدأ الاول- مبدأ حياد القاضي: عمل القاضي يتركز في تطبيق القانونفعندما يقدم طرفا الدعوى الاسانيد والادلة يبدأ عمل القاضي من خلال:
1.التمحيص و التدقيق في وقائع النزاع.
2.بيان حكم القانون بما ثبت لديه من الوقائع واصدار حكم فاصل في النزاع.
فالقاضي يقوم بدور الحكم بين الخصوم بحيث يقف موقفاَ سلبياَ مقتصراَ عمله على تقدير الادلة التي يوجهها له الخصوم بالوسائل التي حددها القانون.
فلا يجوز ان يحكم القاضي بعلمه الشخصي او على معلوماته الشخصية لأنه قاضياَ وليس شاهداَ. كما لايجوز للقاضي ان يوجه الخصم الى أن مصلحته في تقديم دليل معين.
ولا يجوز للقاضي ان يستند في حكمه على دليل قام في قضية اخرى.
وعليه فأن أهم مظاهر حياد القاضي أثناء التقاضي:
أ. قاعدة عدم جواز الجمع بين صفتي الخصم والحكم.
ب. قاعدة عدم جواز قضاء القاضي بعلمه.
ت. وجوب المساواة بين الخصوم أمام القضاء.
ومبدأ حياد القاضي لا يعني سلبيته فلا تعارض بين هذا المبدأ والسلوك الايجابي للقاضي في ادارة الدعوى.
دور الخصوم في الأثبات:
الأثبات واجب على الخصوم وحق لهم, فالمدعي يقدم الدليل على ما يدعيه والا خسر الدعوى. وعلى المدعي عليه أن يفند الدليل وينقضه.
والاثبات يكون بالطرق التي حددها القانون, وللقاضي الحرية في تقدير قيمة الادلة كما للخصم ان يطلب الاطلاع على جميع ادلة خصمه للاطلاع عليها ليكون قادراَ على تفنيدها، ويسمى هذا المبدأ (مبدأ المجابهة بالدليل) قلا يجوز للمحكمة ان تأخذ بدليل لم يعرض على الخصم لمناقشته كما لا يجوز للمحكمة الاخذ بدليل تم مناقشته في قضية اخرى.
وأهم مظاهر حق الخصم في الاثبات:
1.الحق في نفي ادلة الخصم، وهذا يجسد مبدأ المساواة بين الخصوم في المراكز الاجرائية.
2.الاعتراض على تقديم الدليل، (مراعاة طرق الاثبات)
3.الاعتراض لعدم مراعاة الاجراءات (الالتزام بأجراءات تقديم الادلة وفق قانون الاثبات)
4.الحق في توجيه اليمين الحاسمة للخصم. (مقيد بعدم جواز التعسف في استعمال الحق)
5.حق الخصم في الاستشهاد بالشهود، اجراء المعاينة، المطالبة بتعين الخبير، الزام الخصم او الغير بتقديم الدفاتر و السندات في حوزته.
أما اهم القيود ، هي:
1.منع الخصم من اصطناع الدليل لنفسه: يجب ان يكون الدليل الذي يحتج به الخصم صادراَ من خصمه لكي يكون دليلاَ عليه (ورقة مكتوبة بخطه أو عليها امضائه). فلا يصدق المدعي بقوله ولا بيمينه اذا لم توجه له اليمين ولا بورقة صادرة منه.
2.عدم اجبار الخصم على تقديم دليل ضد نفسه: الاصل عدم جواز اجبار الخصم على تقديم دليل يرى انه ليس من مصلحته تقديمه، وترد استثناءات على هذا المبدأ بهدف الوصول الى حقيقة النزاع وايصال الحق الى اصحابه.
طبيعة قواعد الاثبات:
■قواعد الاثبات ق تكون قواعد موضوعية تتعلق بعبْ الاثبات ومحله وطرقه وقد تكون قواعد اجرائية تتعلق بقواعد واجراءات الاثبات.
■فالقواعد الاجرائية تكون من النظام العام وعلى الكافة الالتزام بها.
سريان قواعد الأثبات من حيث الموضوع
المادة (11) من قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979 حددت سريان قانون الاثبات على:
1.القضايا المدنية والتجارية.
2.الامور المالية المتعلقة بالاحوال الشخصية.
3.المسائل غير المالية المتعلقة بالاحوال الشخصية ما لم يوجد دليل شرعي خاص أو نصفي قانون الاحوال الشخصية يقضي بخلاف ما ورد في هذا القانون.
سريان قواعد الأثبات من حيث الزمان
الاصل عدم رجعية القانون، وهو مبدأ الهدف منه تحقيق العدل و الحفاظ على استقرار المعاملات. فالقانون الجديد يسري للمستقبل دون الماضي.
أما بالنسبة لقانون الاثبات فأن الاقبات يظل خاضعاَ للقانون القديم الذي تم التصرف في ظله.
سريان قواعد الأثبات من حيث المكان:
م/ (13) أولاَ: (يسري في شأن أدلة الاثبات قانون الدولة التي تم فيها التصرف القانوني ومع ذلك يجوز للمحكمة تطبيق القانون العراقي اذا كان دليل الاثبات فيه أيسر من الدليل الذي يشترطه القانون الاجنبي)
محل الاثبات
1. اثبات مصدر الحق:
محل الاثبات هو مصدر الحق المدعى به سواء كان تصرف قانوني او واقعة مادية. فالمدعي عندما يريد اثبات وجود حق له سواء كان حقاَ شخصياَ او عينياَ فهو يثبت مصدر هذا الحق الذي قد يكون تصرف قانوني كالعقد، او يكون واقعة مادية كالكسب دون سبب.
والادعاء بالحق ينقسم الى عنصرين:
أ. عنصر الواقع.
ب. عنصر القانون.
اثبات الواقع: المقصود منه التصرف القانوني او الواقعة القانونية التي انشأت هذا الحق ويقع عبْ اثباته على المدعي وتطبيق القانون مهمة القاضي من خلال تكييف التصرف القانوني او الواقعة القانونية وهو(اثبات القانون) فالقاضي يطبق القانون ولا يستطيع الامتناع بحجة عدم وجود نص قانوني يحكم القضية والا يعد مرتكب لجريمة انكار العدالة.
شروط الواقعة محل الاثبات:
المادة (10) ( يجب ان تكون الواقعة المراد اثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وجائزاَ قبولها)
1. الشروط الطبيعية للواقعة محل الاثبات:
أ. واقعة محددة: الاثبات يأتي على شيء محدد فلا يجوز اثبات واقعة غير محددة فالمحل غير المحدد يتعذر اثباته.
ب. الواقعة ممكنة: اي غير مستحيلة فأذا كانت مستحيلة لا يقبل اثباتها لأن ذلك عبث والعبث لا يقبل به القضاء.
والاستحالة قد تكون قانونية اي مستحيلة بحكم القانون او استحالة ذاتية اي ان المطلوب مستحيل في ذاته.
ت. الواقعة متنازع فيها: يشترط في المحل المراد اثباته ان يكون متنازعاَ فيه بين الخصوم.
2. الشروط القانونية للواقعة محل الاثبات:
أ. الواقعة متعلقة بالدعوى: ان تكون الواقعة محل الاثبات متعلقة بالحق المدعى به.
ب. الواقعة منتجة: اذا كان اثبات الواقعة يؤدي الى اقناع القاضي بصحة الحق المدعى به، فأن هذه الواقعة تعتبر منتجة.
ت. الواقعة جائزة الاثبات قانوناَ: اذا تعارضت مصلحة الخصوم في الدعوى مع المصلحة العامة فأن المصلحة العامة هي التي تتقدم.
فالواقعة المستحيلة لا يجوز اثباتها وبعض الوقائع الاخرى ةالتي لها علاقة بسير القضاء (لا يجوز اثبات واقعة مخالفة لما هو ثابتة في حكم قضائي) وكذلك يمنع الاثبات في الوقائع (المتعلقة بالنظام العام والاداب العامة مثل العلاقة الجنسية غير المشروعة. اثبات دين القمار والربا ...الخ) وما يتعارض مع افشاء سر المهنة.
عبء الاثبات:
أن من يقع عليه واجب أو عبْ الاثبات للواقعة محل النزاع أن يكون في مركز اضعف من مركز خصمه.
س/ ما هي القواعد التي حددها القانون لتحديد الطرف الذي يتحمل عبء الاثبات؟
وضع قانون الاثبات ثلاث قواعد وهي:
1.الاصل براءة الذمة: ان الاصل في كل شخص غير مشغولة بحق لأخر ومهما كانت طبيعة هذا الحق والذي يدعي خلاف ذلك عليه عب} الاثبات.
والدليل على براءة الذمة ورد في القرلآن الكريم والسنة النبوية والقواعد الفقهية والعقل السليم.
2.تحديد المدعى والمدعى به:
المادة(7) الفقرة الثانية من قانون الاثبات ( المدعي هو من تمسك بخلاف الظاهر والمنكر هو من يتمسك بأبقاء الاصل) فعند تحديد المدعي عليه يبين لنا من يتحمل عبْ الاثبات (فمن يتمسك بالثابت لا يكلف بأثباته وانما يقع الاثبات على عاتق من يدعي خلاف هذا الاصل)
1.البينة على من ادعى واليمين على من انكر:
2.لا يقبل قول انسان فيما يدعيه بمجرد الدعوى بل يحتاج الى البينة او تصديق المدعي عليه. فالذي يتمسك بالظاهر لا يطالب بالاثبات بل يقع عبْ الاثبات على من يتمسك بالصورية والظاهر قد يكون اصلاَ او عرضاَ او فرضاَ.
اجراءات الاثبات:
تشمل جميع طرق الاثبات التي حددها القانون سواء كانت على التصرفات القانونية او الواقعة القانونية. وميَز قانون الاثبات بين الاجراءات التي تتم داخل العراق وخارجه بالاضافة الى انه منح القاضي سلطة اتخاذ اجراءات الاثبات والعدول عنها.
أولاَ- اجراءات الاثبات داخل العراق:
الحالة الاولى: حضور اجراءات الاثبات. المادة (14) نصت على ( يدعى الخصم لحضور اجراءات الاثبات ويجوز اتخاذ هذه الاجراءات بغيابه اذا كان قد تبلَغ وتلف عن الحضور.) فالاصل كقاعدة عامة هو حضور الخصوم أمام المحكمة لغرض اجراءات الاثبات بعد أن تحدد المحكمة موعداَ لأتخاذ هذه الاجراءات. اما اذا لم يبلَغ الخصم بالموعد فأن الاجراءات التي تتخذها المحكمة لغرض الاثبات تعتبر غير قانونية.
الحالة الثانية: تعذَر حضور اجراءات الاثبات:
اذا لم يحضر الخصم أمام المحكمة بارغم من تبليغه و وجد عذر مقبول قانوناَ يمنع حضوره مثل المرض الشديد او العوق أو التقدم في العمر أو اي مانع آخر تقتنع به المحكمة.
فيجوز للمحكمة الانتقال الى موقع الشاهد أو الخصم لغرض الشهادة أو اليمين أو الاستجواب. فأذا كانت المحكمة مشكلة من هيئة جاز لها أن تنتدب احد اعضائها من القضاة للانتقال الى موقع الخصم أو الشاهد للقيام بأجراءات الاثبات واذا كان موقع المحكمة بعيدا عن موقع الشاهد أو الخصم فيجوز لها انابة المحكمة التي يقيم فيها الخصم او الشاهد.
وفي حالة الكشف على الاموال التي تقع خارج دائرة المحكمة فيجوز القيام بها في المحكمة ذاتها أو بواسطة خبير تنتدبه لهذا الغرض.
وكل ما تقدم ذكره ينظم بمحضر تثبت فيه هذه الاجراءات.
ثانياَ- اجراءات الاثبات خارج العراق:
1. اجراءات الاثبات خارج العراق.
2. الاجراءات وفق التعاون القضائي والقانوني (الانابة القضائية)
3. الاجراءات وفق مبدأ المعاملة بالمثل.
4. البيانات والمصاريف.
أولاَ- اجراءات الاثبات خارج العراق: يجوز للمحكمة ان تطلب من وزارة الخارجية أن يقوم القنصل أو من يقوم مقامه بأستجواب الخصم أو تبليغه أو تحليف اليمين أو الاستماع الى شهادة الشهود.
ثانياَ- الاجراءات وفق التعاون القضائي والقانوني (الانابة القضائية)
س/ كيف تتم اجراءات الانابة القضائية؟
1.يحرر طلب الإنابة القضائية وفقاَ لقانون البلد الطالب.
2.أن يكون الطلب مؤرخاَ موقعاض مختوماَ. وكذلك الاوراق المرفقة بها.
3.بيان نوع القضية والجهة الصادرة منها والجهة المطلوب منها التنفيذ.
4.يجب بيان التفاصيل المتعلقة بوقائع القضية. مثل اسماء الشهود ومحل اقامتهم والاسئلة المطلوب توجيهها.
5.تتم هذه الانابة وفقاَ للأجراءات القانونية المعمول بها في قوانين الطرف المتعاقد المطلوب منه.
ثالثاَ- الاجراءات وفق مبدأ المعاملة بالمثل:
اذا لم توجد معاهدة فيتم مفاتحة وزارة الخارجية لأتخاذ اللازم وبالطرق الدبلوماسية فتتم اجراءات الاثبات على مبدأ المعاملة بالمثل.
س/ ما هو الهدف من مبدأ المعاملة؟
1.تحقيق المساواة بين الاجانب الموجودين في الداخل و الوطنيين في الخارج.
2.تكفل الدولة للاجنبي معاملة مماثلة لتلك المعاملة التي يتلقاها رعاياها في دولة الاجنبي.
3.أن لا يعطى الاجنبي اكثر مما يعطى رعايا الدولة في دولة الاجنبي.
س/ كيف تقرر مبدأ المعاملة؟
تقرر مبدأ المعاملة أما بمعاهدة ثنائية بين دولتينأو بنص صريح على حقوق معينة يتمتع بها رعايا كل دولة في الدولة الاخرى.
رابعاَ- البيانات والمصاريف:
1.البيانات: على المحكمة التي تنظر الدعوى ان تثبت البيانات التي يطلب الاستجواب عنها أو صيغة اليمين التي يراد تحليفها أو الاسئلة التي توجه الى الشاهد. بشرط أن تكون بلغة البلد المرسل اليه.
2.المصاريف: مصاريف اجراء الاثبات تلتزم بها محكمة الموضوع وتعود بها على الخصم التي تمت هذه الاجراءات لصالحه.
طرق الاثبات
الدليل الكتابي
السندات الرسمية
عرفت المادة (21/ اولا) من قانون الاثبات العراقي السندات الرسمية بأنها التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة طبقاَ للأوضاع القانونية وفي حدود اختصاصه ماتم على يديه أو ما ادلى به ذوو الشأن في حضوره.
شروط انشاء السند الرسمي
1- صدور السند الرسمي من موظف عام أو مكلف بخدمة عامة. ويقصد بالموظف العام كل شخص عهدت اليه وظيفة دائمة داخلة في الملاك الخاص بالموظفين.
ولا تزول الصفة الرسمية عن الموظف اذا كان قد عين بشكل يخالف احكام القانون، كأن يكون فاقدا لشرط من شروط التعيين فمثل هذا النقص لا يؤثر على رسمية السند, فيبقى السند محتفظا بصفته الرسمية حتى وان لم تكن شروط تعيينه مستكملة. واذا انتهت خدمة الموظف بالفصل أو العزل أو الاستقالة أو التقاعد أو لأي سبب أخر, وقام بكتابة سند بعد تبليغه بقرار انتهاء خدمته، فيعد السند باطلاَ لا قيمة له، لأنه فقد ولايته في القيام بواجبات وظيفته الرسمية.
2- صدور السند الرسمي في حدود الاختصاص
يشترط لأضفاء صفة الرسمية على السند أن يصدر من الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة في حدود اختصاصه. والاختصاص قد يكون موضوعيا او مكانيا او زمانيا.
3- مراعاة الاوضاع القانونية في انشاء السند الرسمي: كل سند من السندات الرسمية له شكليات واوضاع قانونية تنص عليها القوانين الخاصة، فعلى الكاتب العدل مثلاَ ان يذكر بوضوح الاسم الثلاثي واللقب او الشهرة ان وجد. ومحل اقامة كل من ذوي العلاقة والموقعين كل حسب صفته.ويذكر تأريخ التنظيم او التوثيق بالحروف والارقام معاَ. ويوقعه ويختمه بالختم الرسمي
4- جزاء الاخلال بشروط انشاء السند الرسمي: السند لايعد رسمياَ لا تكون له حجية الا حجية السند العادي. ومن البيانات الجوهرية لرسمية السند، ذكر اسم الموظف العام المختص وعنوانه الوظيفي، واسماء الاطراف وتأريخ السند وتلاوة الكاتب العدل لمحتويات السند.
حجية السند الرسمي في الاثبات:
1- حجية السند الرسمي من حيث الرسمية: اذا كان المظهر الخارجي للسند لا يبعث على الشك فيه كوجود كشط او محو او اضافة فعند ذاك تتوفر في السند قرينة قانونية على اعتباره سندا رسميا صحيحاَ واعفي من يتمسك به من اثبات صحة صدوره ممن يحمل تواقيعهم وهم الموظف العام واصحاب العلاقة اولا ومن اثبات خلوه من التغييرات اللاحقة على انشائه ثانياَ.
2- حجية السند الرسمي بالنسبة للأشخاص:السند الرسمي يعد حجة على الموقعين عليه وعلى الغير وعلى الناس كافة.
3- حجية البيانات المدونة في السند الرسمي:
آ- بيانات ينحصر نطاقها في الامور المادية التي تصدر من الموظف العام تنفيذا لواجباته الرسمية او الوقائع التي قام بها